Penggabungan antara kedua iman dan ilmu itu, dengan masing-masing cara pendekatannya, hendaknya ada pada setiap pribadi Muslim. Dan amat berbahaya mencampuradukkan metode pendekatan keduanya itu. Sebab, pada tingkat sebenarnya, penghayatan nilai spiritual/keagamaan bukanlah hasil kegiatan yang serba rasionalistis dan, demikian pula sebaliknya...
Basmalah adalah masdar untuk bacaan “bismilãhi ar-Rahmãni ar-Rahîm”. Sebuah bacaan yang menjadi penanda khusus keislaman seseorang dalam memulai setiap aktifitas. Hal ini bisa jadi karena perintah Rasul yang sekaligus menegaskan kealpaan barakah dari setiap pekerjaan yang tidak dimulai dengan bacaan tersebut; bisa juga sebagai penanda kepasrahan kita yang menjadii khalifah (wakil) Allah di muka bumi ini.
Apa pun alasannya, jika difhami secara mendalam, kandungan kalimat basmalah pada hakekatnya menjelaskan sekularisasi. Indikasinya sederhana saja. Pertama, arti kata bismillâh, yang Indonesianya ialah “Atas nama Tuhan” (tapi biasanya diterjemahkan menjadi “Dengan nama Allah”; hal ini adalah kurang tepat). Perkataan bismillâh itu menunjukkan nilai kegiatan manusia sebagai Wakil, atau Khalifah Tuhan, di bumi. Di situ, secara implisit juga terkandung pengertian adanya ruang kebebasan bagi manusia.
Kedua ialah makna yang terkandung dalam perkataan al-Rahman dan al-Rahim. Keduanya berasal dari akar kata rahmat (kasih). Jadi, baik ar-rahman ataupun ar-rahim adalah bermakna “Yang Maha Kasih”, sebab, keduanya adalah kata sifat. Tetapi mengapa sampai disebutkan sekaligus keduanya, dan tidak cukup salah satu saja?
Hal itu tentu mempunyai maksud yang lebih luas. Para ahli tafsir menerangkan, bahwa al-Rahmân menunjukkan sifat Kasih Tuhan di dunia ini (menurut ukuran-ukuran duniawi), sedangkan al-Rahîm menunjukkan sifat Kasih itu di akhirat (jadi juga menurut norma-norma ukhrawi). Tentang perbedaan norma-norma duniawi dan ukhrawi, telah diterangkan di muka.
Maka Tuhan, sebagai Rahmân, akan selalu memberikan balasan kebaikan di dunia ini bagi mereka yang menjalankan kehidupan duniawi secara tepat. Kasih Tuhan itu tidak bergantung kepada iman atau kepercayaan seseorang, melainkan kepada ilmu pengetahuannya tentang masalah sekular itu. Dan Tuhan, sebagai Rahîm, akan senantiasa memberikan balasan kebaikan di akhirat nanti kepada mereka yang menyiapkan kehidupan ukhrawinya secara benar, yaitu dengan mengikuti ajaran-ajaran agama Tuhan.
Jadi, Kasih al-Rahîm itu bergantung kepada iman seseorang, bukannya kepada ilmu pengetahuannya. Kasih Tuhan sebagai Rahmân diberikan kepada manusia sebagai makhluk masyarakat dalam hubungannya dengan sesama manusia dalam dan alam sekitarnya, dan Kasih Tuhan sebagai Rahîm diberikan kepada manusia sebagai makhluk individu dalam hubungannya dengan Allah semata. Maka dari itu, jika kita menghendaki kebahagiaan di dunia dan di akhirat, kita harus beriman dan berilmu sekaligus, yang kemudian keduanya, iman dan ilmu, itu akan mewarnai amal perbuatan kita. Sebab, amal perbuatan kita, berupa kegiatan keseharian, harus mendapatkan motivasi atau dorongan niat yang benar, sesuai dengan bunyi hati nurani (kalbu, dlamîr atau fuad) yang telah dipertajam, diperpeka dan dihidupkan dengan iman dan ibadah atau kegiatan spiritual, dan diterangi oleh perhitungan ilmiah atau rasional yang tepat.
Penggabungan antara kedua iman dan ilmu itu, dengan masing-masing cara pendekatannya, hendaknya ada pada setiap pribadi Muslim. Dan amat berbahaya mencampuradukkan metode pendekatan keduanya itu. Sebab, pada tingkat sebenarnya, penghayatan nilai spiritual/keagamaan bukanlah hasil kegiatan yang serba rasionalistis dan, demikian pula sebaliknya, masalah-masalah duniawi tidak dapat kita dekati dengan metode spiritualistis. Keduanya mempunyai bidang yang berbeda, meskipun antara iman dan ilmu itu terdapat pertalian yang erat: pertalian antara sumber motivasi, atau dorongan batin (niat), dan keterangan tentang cara yang tepat untuk satu bentuk kegiatan atau amal.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبي الله ورسوله، سيدنا محمد، رحمة الله للعالمين؛ وبعد:
إذا تأملنا نجد أن من أعظم نعم الله الموهوبة للإنسان هي نعمة اللغة: تستكمل بها وحدة نعمه تعالى الأخرى الدالة على أحسن تقويم الإنسان، خاصة في اكتسبه اللغة، من أعضاء النطق والسمع، سواء في ذلك ما كان ظاهرا مباشرا كالحنجرة واللسان والشفتين للنطق، أو ماكان غير ظاهر كالأجزاء المسئولة عن النطق في المخ والأعصاب وغير ذلك، ووجود هذا الجانب أساسي مهم في العملية اللغوية.
إضافة إلى ذلك، علمنا أن اللغة هي عبارة عن التعبير عن الأفكار، إذ هي ثمرة العقل. فقدر لغة الإنسان على قدر استعمال عقله؛ في قوة عقله قوة لها، وفي ضعفه ضعف لها. فلا يستوي الذين يتحدثون وهم عقلاء والمتحدثون وهم جهلاء. وأيضا، بدون اللغة لما أمكن لنا أن نعبر ما في أفكارنا ويصير مقالة كما هي الآن.
ولعل هذا الواقع هو الذي دعا علماء المنطق – قديما- إلى تسمية الإنسان "الحيوان الناطق" أي القادر على استعمال لغة صوتية لها دلالات فكرية، تسعد على التفاهم مع غيره من بني جنسه، ليسير في طريق الرقي الإنساني، في الوقت الذي ظل فيه الحيوان يعيش عجمته البدائية الثابتة التي فطره الله عليها.
فلا نطاول الكلام عن أهمية اللغة وأثرها الكبير في حياة الإنسان وفيما كونها من أعظم نعم الله تعالى مقدما لهذه المقالة، إلا مع ما لفته القرآن الكريم الإنتباه إلى تلك النعمة؛ حيث قال الله هعالى: ﴿ الرحمن، علم القرآن، خلق الإنسان، علمه البيان ﴾ الرحمن: 1-4.
والإهتمام باللغة قديم قدم الإنسان في هذا الوجود، فمنذ لحظة الميلاد اللغوي للإنسان – حين علم الله آدم الأسماء، وأودع فيه القدرة اللغوية؛ قال تعالى: ﴿ وعلم ءادم أسماء كلها ﴾ البقرة:31 – تنمو اللغة نموا، نشهد معه مواليد جديدة تضاف إلى لغات البشر، ومن بعضها تموت مع تداول الأوقات. فإذن، ما هي حقيقة اللغة ؟ وكيف تنشأ اللغة ؟ وهل لها مناهج خاصة في بحثه كفرع من الفروع العلمية ؟ فلأجل حل تلك الإستفسارات نقدم لديكم هذه المقالة.
ب.اللغة
1.تعريف اللغة
اللغة لغة هي لُفظة، وأصلها لُغوة، وقيل في جمعها: لغات، لُغون. ومنها لَغِيَ : يَلْغَى، إذا هذى. وكذلك اللغو، فقد قال الله: ﴿ وإذا مرُّوا باللغو مرّوا كراما ﴾ الفرقان : 72. أي مرّوا بالباطل. وجاء في الحديث: " من قال في الجمعة: صَهْ، فقد لغا، أي تكلم ".[1]
وأما اللغة اصطلاحا، فقد تعددت تعريفاتها عند القدماء و المحدثين، وركزت كل مجموعة على النواحي المهمة – من وجه نظرها – وأبرزتها في التعريف.
ومن أهم التعريفات – عند القدماء – التي تعبر عن حس لغوي مرهف ودقة ملاحظة، تعريف ابن جني: "حد اللغة: أصوات يعبر بها كل قوم عن أغراضهم". ونال هذا التعريف اهتمام اللغويين العرب المحدثين؛ لأنه ضم أكبر قدر من الحقائق المهمة عن اللغة ( الطبيعة الصوتية، الطبيعة الإجتماعية ).
وتعريف "اللغة" في علم اللغة الحديث – على تنوع المدارس – يلتقي مه تعريف ابن جني لها حول هذه الحقائق الهامة، لكنه أضاف إليها حقائق أخرى كانت ثمرة لتطور هذا العلم من خلال الدراسة العلمية. وهنا تعريفان من تعريفاتالحديثة للغة: تعريف اللغوي السويسري (دي سوسير) و تعريف روي. سي. هجمان.
يرى دي سوسير: "أن اللغة هي نظام من الرموز الصوتية الإصطلاحية في أذهان الجماعة اللغوية، يحقق التواصل بينهم، ويكتسبها الفرد سماعا من حماعته". أما روي، فيرى: "أن اللغة هي قدرة ذهنية مكتسبة يمثلها نسق يتكون من رموز اعتباطية منطوقة يتواصل بها أفراد مجتمع ما".[2]
وعرّف العلامة ابن خلدون اللغة، أنها عبارة المتكلم عن مقصوده، وتلك العبارة فعل اللسان، فلا بد أن تصير ملكة متقررة في العضو الفاعل لها، وهو اللسان، وهو في كل أمة بحسب اصطلاحاتهم.[3]
ج.نشأة اللغة
لما كانت اللغة قديمة قدم الانسان ، فالاهتمام بها موغل في القدم أيضا، فلقد شغل العلماء تفكيرهم لعدة قرون بالبحث عن نشأة اللغة الإنسانية ، ما أقدم لغة في العالم ؟ وهل نشأت جميع اللغات من مصدر واحد ؟ كيف تتابعت الكلمات منذ البدء ؟
تساؤلات عديدة مرت بالتجارب والنقاش الذي يعود إلى ما يقرب من ثلاثة آلاف عام مضت ، ولم يتوصل أحد للإجابة الشافية عن هذه التساؤلات الحائرة حول نشأة اللغة.
وأخذت الأجيال المتعاقبة تطرح التساؤلات نفسها دون الوصول إلى إجابة يقينية . وفي القرن التاسع عشر – في عام 1866 م – أصدرت الجمعية اللغوية بباريس قانونا يمنع مناقشة هذا الموضوع في الندوات واللقاءات العلمية التي تقام بنشأة اللغة ؛ وذلك لأن علم اللغة الحديث يتناول اللغة تناولا علميا ، يقوم على المنهجية والدقة والتعامل مع الواقع اللغوي الحي (المنطوق) ، أما المسائل التي هي في علم الغيب وبخاصة تلك اللغات التي اندثرت ؛ فالكلام فيها من قبيل الظن فهو احتمالي وليس يقينيا.
لذلك عدل علم اللغة الحديث عن البحث في نشأة اللغة إلى دراسة اللغة في واقعها الحي المنطوق .
وقد بحث أستاذنا الكريم الدكتور علي محمد كاملنشأة اللغة في آراء أربعة ، وهي :
1.المحاكاة الطبيعية
2.التوقيف من الله تعالى ، كما قال في القرآن الكريم : ( وعلم آدم الأسماء كلها )
3.الاصطلاح أي أن اللغة اتفاق قوم
4.التوفيق وهو الجمع بين التوقيف والاصطلاح
وفي هذا البحث نبحث نشأة اللغة من جانب نشأة اللغة الإنسانية ، تقدم أن اللغة الإنسانية قد نشأت ناقصة ساذجة مبهمة في نواحى أصواتها ومدلولاتها وقواعدها ثم سارت بالتدريج في سبيل الارتقاء.
وقد اختلف الباحثون اختلافا كبيرا في بيان المراحل الأولى التي اجتازتها في هذا السبيل . فبعضهم نظر إلى الموضوع من الناحية الصوتية فحاول أن يكشف عما كانت عليه أصوات اللغة الانسانية في مبدأ نشأتها وعن مراحل ارتقائها . زقد ذهب معظم هؤلاء على أن اللغة قد سارت بهذا الصدد في ثلاث مراحل :
Øالمرحلة الأولى مرحلة الصراخ Le Cri . وفي هذه المرحلة لم يكن في أصوات اللغة الانسانية أصوات مد ولا أصوات ساكنة ، وإنما كانت مؤلفة من أصوات مبهمة تشبه أصوات التعبير الطبيعيعن الانفعالات كالضحك والبكاء والصراخ ، وأصوات الحيوان ومظاهر الطبيعة والأشياء كدوي الريح وحنين الرعد وخرير الماء ... وهلم جرا.
Øوالمرحلة الثانية مرحلة المد Vocalisation ، وفيها ظهرت أصوات اللين في اللغة الانسانية.
Øوالمرحلة الثالثة مرحلة المقاطع Aticulation ، وفيها ظهرت الأصوات الساكنة في اللغة الانسانية .
ويعتمد أصحاب هذه النظرية في تأييدها على أمور مستمدة في نشأة اللغة عند الطفل . أن مراحل نشأة اللغة عند الطفل فهي كما يلي :
1.الأصوات الوحدانية أو أصوات التعبير الطبيعي عن الانفعالات . وهي الأصوات الفطرية التي تصدر من الطفل في أثناء تلبسه في حالة انفعالية ، كالأصوات التي تصدر منه في حالات الخوف والألم والدهشة والجوع والفرح والغضب والسرور، كالبكاء والضحك ومختلف أنواع الصراخ الوجداني .
وهذا النوع فطري عند الناس ، يصدر منه بشكل غير إرادي وبدون تجربة سابقة ولاتعليم ولا تقليد ، وتثيره الحالات الجسمية والنفسية . وهذه الآثارة قائمة على روابط طبيعية تربط أعضاء الصوت بالحالات الجسمية والنفسية بطريقة تجعل هذه الأعضاء تترك بشكل آلي وتلفظ أصواتا معينة عند وجود حالة من هذه الحالات.
2.الأصوات الوجدانية الارادية . وهي أصوات النوع السابق حينما يستعملها الطفل استعمالا اراديا . وذلك أن الأصوات الوجدانية الفطرية التيتقدمت الاشارة إليها يدرك المحيطون بالطفل مصادرها ومثيراتها فيعملون على وقفها بتحقيق ما يعوز الطفل وقضاء ما يحتاج إليه . ومن تكرار سلوكهم هذا ، يدرك الطفل أن هذه الأصواتمن شأنها أن ترغم الكبار على تحقيق رغباته ، فيلفظها أحيانا بشكل ارادي قاصدا بها التعبير عن حالة قائمة به عن مطلب من مطالبه.
3.أصوات الاثارة السمعية . وهي أصوات فطرية غير تقليدية تصدر من الطفل في شهوره الأولى حينما يسمع بعض الأصوات . ففي هذه المرحلة نرى أن سماع الطفل لبعض الأصوات ( وبخاصة الأصوات المرتفعة ) يثير أعضاء صوته ويجعلها تلفظ بشكل آلى أصواتا غير تقليدية ( أي لا تحاكي الأصوات المسموعة) شبيهة بأصوات الوجدانية التي أشرنا إليها فيما سبق .
4.أصوات التمرينات النطقية Exercices vocauxأو اللعب اللفظي Jeu vocalأو اللغط Babillage. يظهر لدى الطفل حوالي الشهر الخامس ميل فطري إلى اللعب بالأصوات وتمرين أعضاء النطق . فيقضي فترات طويلة من وقته في اخراج أصوات مركبة متنوعة عارية عن الدلالة وعن قصد التعبير. وينتظم هذا النوع جميع الأصوات المدية والمقطعية (حروف اللين والحروف الساكنة ) التي يمكن أن تلفظها أعضاء النطق الانساني .
5.الأصوات التي يحاكي بها الطفل أصوات الأشياء ، والحيوانات ( هزيز الريح ، حفيف الشجر ، خرير الماء ، ثغاء الغنم ، صياك الديك ، صهيل الفرس ... ) وتعتمد هذه الأصوات على استعداد فطري عند الطفل وهو غريزة المحاكاة . ولكنها ، مع ذلك ، تصدر بشكل ارادي ، ويرمي الطفل من ورائها إلى غاية معينة .
6.الأصوات المركبة ذات المقاطع والدلالات الوضعية التي تتألف منها الكلمات وتتكون منها اللغة . ومن هذا النوع من الأصوات يأخذه الطفل عن المحيطين به بطريق التقليد، ويندفع إليه تحت تأثير ميله الفطري إلى المحاكاة . ولكنه مع ذلك، ارادي في تكونه واستخدامه.
د. مناهج البحث اللغوي
1)تعريف المنهج
المنهج لغة من لفظ نهج – ينهج – منهجا، أي معناه الطريق الواضح.[4]
كان لفظ "المنهج" ترجمة للكلمة Method في اللغة الإنجليزية ونظائرها في اللغات الأوروبية الأخرى، و هي تعود إلى كلمة يونانية كان أفلاطون يستعملها بمعنى البحث أو النظر أو المعرفة، كما نجدها كذلك عند أرسطو أحيانا كثيرة بمعنى "بحث". والمعنى الاشتقاقي الأصلي لها يدل على الطريق أو المنهج المؤدي إلى الغرض المطلوب، خلال المصاحب والعقبات.[5]
وهناك عدة تعريفات للمنهج، تدور في إطار التنظيم الدقيق لمجموعة من الأفكار من أجل الوصول إلى حقيقة لم تكن معروفة من قبل، ويطبع هذا التنظيم وجود طائفة من القواعد العامة تسيطر على سير العقل. وهذه مجموعة من التعريفات للمنهج:
1.المنهج هو الأساس الذي تسير على مقتضاه حركة التفكير في علم ما.[6]
2.المنهج هو الطريقة أو مجموعة الاجراءات التي تتخذ للوصول إلى شيء محدد أو الطريق الواضح أو الخطة المرسومة.[7]
3.المنهج هو طائفة من القواعد العامة المصرغة من أجل الوصول إلى الحقيقة في العلم، أي أنه الطريق المؤدي إلى الكشف عن الحقيقة في العلوم بواسطة طائفة من القواعد العامة، تهيمن على سير العقل، وتحدد عملياته حتى يصل إلى نتيجة معلومة.[8]
فلا شك أن المنهج سمة جوهرية في كل علم من العلوم، فلا يوجد علم بدون منهج إذ أن من مقومات العلم سيره على منهج.
ونسبة إلي التعريفات السابقة فمناهج البحث اللغوي هي المناهج التي تحكم خطة العمل، ويسير على مقتضاها التفكير عند بحث اللغة ذاتها بعناصرها الأربعة.
2)مناهج البحث اللغوي
كانت مناهج البحث اللغوي كثيرة. فيحددها الباحث إلى أربعة المناهج المشهورة في البحث اللغوي، وهي: المنهج الوصفي، والمنهج المقارن، والمنهج التقابلي، والمنهج التاريخي.
1.المنهج الوصفي
المنهج الوصفي هو دراسة اللغة في مرحلة بعينها، أو في مكان بعينه من النواحى الأربع التي تضمها مجالات علم اللغة، كأن تقوم بدراسة اللغة العربية في قرن من القرون أو في بقعة بعينها، من ناحية الصوت أو من ناحية البنية أو من ناحية تركيب الجملة أو من ناحية دلالة الألفاظ أو دلالة التراكيب.
فيقوم هذا المنهج على وصف اللغة "لغة محددة" في زمن محدد ومكان محدد ودون اعتبار للخطأ والصواب فيها، فالمنهج الوصفي يصف الحقائق ويناقشها دون فلسفة أو محاكمة لها أو افهم المنطق في تفسير وتأويل الظواهر اللغوية.[9] أي أنه يعتمد على نقل الواقع اللغوي كما هو.
وذهب توفيق محمد شاهين إلى أن هذا المنهج يقوم بوصف المظاهر اللغوية بغير محاولة إيجاد العلل والأسباب، أي أنه يقتصر على عرض الاستعمال اللغوي لدي مجموعة معينة، في زمن ومكان معين: فاعل في العربية – مثلا مرفوع، والمفعول منصوب، ولانسأل عن علة اختلاف الحركة.[10]
2.المنهج المقارن
المنهج المقارن هو دراسة الظواهر الصوتية والصرفية والنحوية والمعجمية في اللغات المنتمية إلى أسرة لغوية واحدة أو فرع من أفراع الأسرة اللغوية الواحدة. كدراسة الضمائر في اللغتين العربية والعبرية، وتركيب الجملة في اللغتين الانجليزية والفارسية، وأسماء الأدوات المنزلية في اللغتين الفرنسية والأسبانية.[11]
ومن المفيد أن نعلم أن ميدان الدراسة المقارنة إنما مجاله: اللغات ذات الأصل الواحد، كالعربية والعبرية، أو الفرنسية والأسبانية، أوالإنجليزية والألمانية. وليس من شأنه أن يقارن بين اللغات التي ترجع إلى أصول مختلفة كالمقارنة بين العربية والإنجليزية مثلا، وقد يتوسع فيه بعضهم فيطبقه على المقارنة بين اللغات ذات الأصول المختلفة.
3.المنهج التقابلي
هذا المنهج من أحدث المناهج اللغوية الحديثة (نشأ بعد الحرب العالميةالثانية) وهو يهتج بدراسة ظواهر لغتين أو لهجتين بهدف الوصول إلى الفروق وأوجه التقابل بينهما، ولا يشترط أن نكون هاتان اللغتان أو اللهجتان من فصيلة لغوية واحدة (كما هو المنهج اللغوي المقارن)[12]. ويمكن كون البحث اللغوي بهذا المنهج أن تكون اللغتان في فصيلتين مختلفتين كما لو قابلنا بين الخصائص التركيبية للجملة بين اللغة العربية واللغة الإندونيسية وغيرهما من نظام اللغة الأم واللغة الثانية.
4.المنهج التاريخي
المنهج التاريخي في البحث اللغوي عبارة عن تتبع أية ظاهرة لغوية في لغة ما، حتى أقدم عصورها، التي نملك منها وثائق ونصوصا لغوية، أي أنه عبارة عن بحث التطور اللغوي في لغة ما عبر القرون. فدراسة أصوات العربية الفصحى دراسة تاريخية تبدأ من وصف القدماء لها من أمثال الخليل بن أحمد وسيبويه وتتبع تاريخها منذ ذلك الزمان حتى العصر الحاضر، دراسة تدخل ضمن نطاق المنهج التاريخي. ومثل ذلك يقال عن تتبع الأبنية الصرفية ودلالة المفردات، ونظام الجملة.[13]
المنهج التاريخي يدرس اللغة دراسة طولية بمعنى أنه يتتبع الظاهرة اللغوية في عصور مختلفة وأماكن متعددة ليرى ما أصابها من التطور محاولا الوقوف على سر هذا التطور وقوانينه المختلفة.
ح.الخلاصة / الإختتام
للغة دور كبير في حياة الإنسان، إذ أنها من نعمه عز وجل العظيمة. وقد اهتم العلماء باللغة قديما، ولم يزل في وقتنا الحاضر يشتغل اللغويون عن الأمور اللغوية، نطقا أو كتابة. وتشهد الدراسات اللغوية الحديثة تقدما ملحوظا، متجاوزة حدود الإهتمام بلغة بعينها، إلى دراسة اللغة عامة، ومتجاوزة حدود دراسة اللغة بوصفها وسيلة من الوسائل، إلى دراسة اللغة من أجل ذاتها.
ومع تداول الأوقات، و لكثرة عدد الناس، فاختلفت اللغة حسب مجتمعها: جيث نسأت اللغة وانتشرت إلى كل من جماعة الناس. وهناك نظريات نشأة اللغة. منها: المحاكاة الطبيعية، والتوقيف، و الاصطلاحي، ثم الجمع بين التوقيف والاصطلاح.
أمامناهج البحث اللغوي فهي المناهج التي تحكم خطة العمل، ويسير على مقتضاها التفكير عند بحث اللغة ذاتها بعناصرها الأربعة. وكانت المناهج كثيرة، منها: المنهج الوصفي، والمنهج المقارن، والمنهج التقابلي، والمنهج التاريخي.
المراجع
1.جاد الكريم، عبد الله، الدرس النحوي في القرن العشرين، القاهرة، مكتبة الآداب، 2004
2.خلف، عادل، اللغة والبحث اللغوي، القاهرة، مكتبة الآدب، 1994
3.داود، محمد، العربية وعلم اللغة الحديث، القاهرة، دار غريب، 2001
4.شاهين، توفيق محمد، علم اللغة العام، القاهرة، مكتبة وهبة، 1980
5.عبد الدايم، محمد عبد العزيز، النظرية اللغوية في التراث العربي، القاهرة، دار السلام، 2006
6.معلوف، لويس، المنجد في اللغة والأعلام، ط.33، بيروت، دار المشرق، 1992
7.ياقوت، محمود سليمان، منهج البحث اللغوي، الكويت، دار المعرفة الجامعية، 2000
[1]نايف محمود معروف، خصائص العربية وطرائق تدريسها، ط. الخامسة (دار النفاءس، بيروت، 1998) ص. 17
[2]محمد محمد داود، العربية وعلم اللغة الحديثة، (دار غريب للطباعة، القاهرة، 2001) ص. 43