الحمد لله رب العالمين، والصلاة
والسلام على نبي الله ورسوله، سيدنا محمد، رحمة الله للعالمين؛ وبعد: إذا تأملنا نجد أن من أعظم نعم الله الموهوبة
للإنسان هي نعمة اللغة: تستكمل بها وحدة نعمه تعالى الأخرى الدالة على أحسن تقويم
الإنسان، خاصة في اكتسبه اللغة، من أعضاء النطق والسمع، سواء في ذلك ما كان ظاهرا
مباشرا كالحنجرة واللسان والشفتين للنطق، أو ماكان غير ظاهر كالأجزاء المسئولة عن
النطق في المخ والأعصاب وغير ذلك، ووجود هذا الجانب أساسي مهم في العملية اللغوية.
إضافة إلى ذلك، علمنا أن اللغة هي عبارة عن
التعبير عن الأفكار، إذ هي ثمرة العقل. فقدر لغة الإنسان على قدر استعمال عقله؛ في
قوة عقله قوة لها، وفي ضعفه ضعف لها. فلا يستوي الذين يتحدثون وهم عقلاء والمتحدثون
وهم جهلاء. وأيضا، بدون اللغة لما أمكن لنا أن نعبر ما في أفكارنا ويصير مقالة كما
هي الآن.
ولعل
هذا الواقع هو الذي دعا علماء المنطق – قديما- إلى تسمية الإنسان "الحيوان
الناطق" أي القادر على استعمال لغة صوتية لها دلالات فكرية، تسعد على التفاهم
مع غيره من بني جنسه، ليسير في طريق الرقي الإنساني، في الوقت الذي ظل فيه الحيوان
يعيش عجمته البدائية الثابتة التي فطره الله عليها.
فلا نطاول الكلام عن أهمية اللغة
وأثرها الكبير في حياة الإنسان وفيما كونها من أعظم نعم الله تعالى مقدما لهذه
المقالة، إلا مع ما لفته القرآن الكريم الإنتباه إلى تلك النعمة؛ حيث قال الله تعالى:
﴿ الرحمن، علم القرآن، خلق الإنسان، علمه البيان ﴾ الرحمن: 1-4.
والإهتمام باللغة قديم قدم الإنسان في هذا الوجود،
فمنذ لحظة الميلاد اللغوي للإنسان – حين علم الله آدم الأسماء، وأودع فيه القدرة
اللغوية؛ قال تعالى: ﴿ وعلم ءادم أسماء كلها ﴾ البقرة:31 – تنمو اللغة نموا، نشهد
معه مواليد جديدة تضاف إلى لغات البشر، ومن بعضها تموت مع تداول الأوقات. فإذن، ما
هي حقيقة اللغة ؟ وكيف تنشأ اللغة ؟ وهل لها مناهج خاصة في بحثه كفرع من الفروع
العلمية ؟ فلأجل حل تلك الإستفسارات نقدم لديكم هذه المقالة.
بناء على ذلك، فإنني كطالب الجامعة الإسلامية، أرى أهمية الإستمرار لما قد بدأ العلماء المتقدمون في البحث عن اللغة العربية لأجل تعمق في فهم القرآن ككتاب المسلمين. فهذه المقالة لمن وجود الإهتمام في ذلك؛ إذ فيه بحث من البحوث المهمة في اللغة العربية، وذلك كما في ضمن المادة التالية: